معتصمو سامراء يطالبون بترشيح صباح الساعدي لرئاسة الحكومة في أول رد على مبادرته لـ”تصفير الأزمات”
دعا معتصمو قضاء سامراء بمحافظة صلاح الدين، (مركزها تكريت، 170 كم شمال العاصمة بغداد)، اليوم الأربعاء، التحالف الوطني إلى ترشيح النائب صباح الساعدي رئيساً للوزراء بدلاً من الرئيس الحالي نوري المالكي، وعدوا أن مبادرة الساعدي لـ"تصفير الأزمات" تشكل محاولة "جادة" للخروج من الأزمة الراهنة، في حين راى ناشطون أن المعتصمين يساندون كل جهد وطني يبذل على طريق حل الأزمات و"محاربة الفساد والأجندات الخارجية"، مؤكدين أن التفاعل بين التيار الفكري الوطني والديني ربما يساعد على إيجاد حل.
ويشكل ذلك أول رد فعل من المعتصمين في المحافظات المناطق السنية، على بيان النائب المستقل عن التحالف الوطني، صباح الساعدي، الذي أطلق في وقت سابق من اليوم، مبادرة لـ"تصفير الأزمات" السياسية في العراق والقضاء على "الحشد الطائفي"، أساسها المراجع الدينية لكل الطوائف، وفي حين عزا تدهور أوضاع البلاد إلى سياسة "الهروب من أزمة بخلق أخرى أشد منها"، عد أن ذلك أدى إلى ضياع هيبة الدولة وهويتها، وفقدان الثقة بين الشركاء السياسيين، وتفكك نسيج المجتمع.
وقال المتحدث باسم معتصمي ميدان الحق في سامراء، (40 كم جنوب تكريت)، ناجح الميزان، في حديث إلى (المدى برس)، إن "مبادرة الشيخ صباح الساعدي تشكل محاولة جادة للخروج من الأزمة الراهنة"، مطالباً التحالف الوطني بأن "يرشح الساعدي لرئاسة الحكومة بدلاً من رئيسها الحالي نوري المالكي ليتولى بنفسه تنفيذ مبادرته".
وأضاف الميزان، إذا "أراد التحالف الوطني انقاذ العراق من أزمته الراهنة التي ازدادت تعقيداً بسبب سياسات الهروب إلى الأمام من قبل رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي، فليتخذ قراراً بترشيح الساعدي لهذا المنصب لاسيما أن التجربة الماضية أثبتت أن الرجل (الساعدي)، أكثر اعتدالاً وحرصاً على الوحدة، ومواقفه ضد الطائفية معروفة"، مطالبا التحالف الوطني بـ"اتخاذ هذه الخطوة".
من جهته قال المحلل السياسي، علاء النشوع، في حديث إلى (المدى برس)، إن "المعتصمين في سامراء أصحاب مشروع وطني، ويساندون كل جهد يبذل على طريق حل الأزمات ومحاربة الفساد والأجندات الخارجية"، مؤكداً أنهم "لمسوا من الساعدي حرصاً في هذا الصدد لذلك أيدوا مبادرته".
وأوضح النشوع، أن "التفاعل بين التيار الفكري الوطني والديني ربما يساعد على إيجاد حل"، مستدركاً "لكن انفرد التيار الديني واستحواذه على القرار كما هو واضح حالياً في العراق يشكل مشكلة لأن ألمشروع الوطني وليس المذهبي هو الحل".
وتابع المحلل، أن "العراقيين جميعاً ومنهم أهالي صلاح الدين يساندون كل سياسي سواءً المالكي أم غيره إذا ما سعى لتحقيق العدالة وبناء دولة مدنية وتحقيق التوازن الاجتماعي في فلسفة الحكم الوطني".
وكان النشوع وهو من الناشطين في اعتصامات تكريت، قال في حديث إلى (المدى برس)، في (الـ27 من شباط الماضي)، إن المعتصمين يبحثون عن سلمية التظاهرات وتغليب لغة الخطاب الوطني لذلك بدأوا بمشروع حوار بين المثقفين من مختلف التيارات لخلق توازن في قيادة الاعتصامات مع رجال الدين، معتبراً أن رجال الدين هم "مصدر الخلافات" في العراق لأنهم يحاولون احتواء المجتمع بخطاب عاطفي مما يشكل خطراً على الوحدة الوطنية بسبب التعددية المذهبية الموجودة في البلاد.
ويشوب المشهد السياسي العراقي حالياً الكثير من التوتر والغموض، في أغلب اتجاهاته التي تنعكس بالمقابل على الشارع العراقي، سواءً بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان الذي يبدو أنه اتجه في مقاطعة غير مباشرة للحكومة والبرلمان في المركز عبر استدعاء وزرائه ونوابه إلى الاقليم، أم بين أطراف العملية السياسية لاسيما ائتلاف دولة القانون والقائمة العراقية، أم الحراك الجماهيري المناوئ للحكومة في المحافظات والمناطق السنية، بنحو ينذر بالتفاقم دون أن تلوح بالأفق ملامح أي انفراج قريب.
وكانت القائمة العراقية بعدما أعلنت في (الـ22 من كانون الثاني 2013)، عن مقاطعة وزرائها لجلسات مجلس الوزراء، احتجاجا على "تجاهل" مطالب المتظاهرين واستمرار سياسة "الإقصاء والتهميش"، صعدت في (الخامس من آذار 2013 الحالي)، حراكها السياسي من أجل سحب جميع الوزراء من الحكومة وتفقدها الشرعية، خصوصا بعد استقالة وزيرين منها هما وزير المالية رافع العيساوي والزراعة عز الدين الدولة.
وطالبت العراقية زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، بالتضامن معها و"منع وزرائهما من حضور جلسات مجلس الوزراء"، وعدت أن مقاطعتها "صرخة" في وجه رئيس الحكومة نوري المالكي، لتلبية مطالب المتظاهرين، في حين أكدت أن "إنصاف" البعثيين يشكل قضية "أخلاقية وشرعية قبل أن تكون دستورية".
ليرد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، في (السابع من آذار الحالي)، منتقدا دعوة القائمة العراقية للتيار الصدري بسحب وزرائه من الحكومة عبر الإعلام، وفي حين اكد فيه أنه يتعاطف مع قضية العراقية ومطالبها، شدد على أن التيار الصدري شريك مع ائتلاف دولة القانون ويتشاور معه في كل الأشياء، مبديا رفضه لدعوة العراقية لسحب الوزراء في الوقت الحاضر.
فيما أكدت العراقية، في اليوم ذاته، أنها "لا تعول" أبداً على كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري في إسقاط الحكومة، وبينت في الوقت نفسه أن العراقية حريصة على الدخول في حوار "جاد" مع الصدريين للخروج من الأزمة، كاشفة عن توصلها إلى قناعات مشتركة مع القوى الكردية "لا يمكن" الإعلان عنها حالياً، ولعل عدم مشاركة الوزراء الكردي في جلسة مجلس الوزراء امس يؤكد القناعات المشنركة التي تحدثت عنها العراقية، وخصوصا بعد البيان الشديد اللهجة الذي اصدره بارزاني وهاجم فيه جميع مكونات التحالف الوطني هذه المرة واتهمهم بالتنصل من الأسس التي وضعت عليها العملية السياسية.
وتشهد المحافظات ذات الغالبية السنية تظاهرات منددة بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي، منذ الـ21 من كانون الأول 2012 المنصرم، تطالب بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات، وإطلاق سراح الأبرياء منهم، وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب، وتشريع قانون العفو العام، وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة، وعلى الرغم من انها جاءت على خلفية عملية اعتقال عناصر حماية العيساوي فإن أهالي المحافظات الغربية والشمالية كانوا وعلى مدى السنوات الماضية قد تظاهروا في العديد من المناسبات ضد سياسة الحكومة الحالية وإجراءاتها بحقهم.
وعلى الرغم من أن المتظاهرين أعلنوا أن يوم الجمعة (الثامن من آذار 2013)، هو الفرصة الأخيرة للمالكي فإن الأخير يبدو أنه يفكر في "خطة طويلة الأمد"، إذ اكد في (السابع من آذار 2013)، خلال احتفالية بمناسبة عيد المرأة، أن المطالب الحقيقية للمتظاهرين يجب أن تكون عن "النقص بالخدمات"، والتعويض عن "سياسات النظام السابق"، وشدد على ان المطالب "غير المشروعة" ملزمة للجميع بعدم تحقيقها، وفي حين أكد أن رفع الظلم في البلاد يحتاج إلى تشكيل "ديوان حكومي"، باسم (ديوان رفع المظالم)، طالب المعترضين على النظام الحالي بـ"الخروج منه وتشكيل معارضة سياسية وليست دموية".
المدى
You must be logged in to post a comment Login